فيلم حسن ومرقص: ماذا سيحدث لو كان الأبطال متسامحين؟
كاتب الموضوع
رسالة
زائر زائر
موضوع: فيلم حسن ومرقص: ماذا سيحدث لو كان الأبطال متسامحين؟ السبت 16 أغسطس - 3:47:29
كانت القضية شائكة، وكانت القصة جيدة للغاية، وقراءتها أو سماعها قبل مشاهدة لفيلم كانت كفيلة بجذبك وتوقعاتك ببأن يكون هذا الفيلم هو الأقوى، يكفي أن هناك عملاقين من عمالقة التمثيل في مصر يشتركان في هذا الفيلم، وتكفي شركة الإنتاج التي عرفت بسخائها وكرمها الشديدين في ميزانيات أفلامها، كاتب السيناريو استطاع أن يجذبنا في معظم أعماله، فهو من أكثر الكتاب قدرة على عمل الموقف الكوميدي في سيناريوهاته، والمخرج معروف مسبقًا بأنه مخرج واعد، وأخرج أكثر من فيلم بطريقة مبشرة، إذن فعناصر الفيلم الجيد موجودة ومتوافرة بشكل كامل في هذا "حسن ومرقص"، ولكن ما الذي حدث ليخرج الفيلم بهذا الشكل؟ لماذا أصبحت قراءة قصة الفيلم أو سماعها أفضل من مشاهدة الفيلم نفسه؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها وأنت تشاهد هذا الفيلم الذي يعد أكبر الأفلام الكوميدية المصرية من ناحية الميزانية.
عمر الشريف وعادل امام من الفيلم
فيلم حسن ومرقص يبدأ بداية اعتيادية، يعرض شخصياته بشكل كامل، القس بولس الذي لم تظهر ماهية عمله داخل الكنيسة، ولكن افترض المؤلف أننا نعلم مسبقًا، كما هي الحال عندما افترض أننا كجمهور سنعرف مسبقًا أن الكلام الذي قاله في مؤتمر حوار الأديان في بداية الفيلم مسيء أو محفز للمتطرفين المسيحيين ضده، بشكل سلس متوقع تعرفنا على عائلة القس، وعلى الجانب الآخر، تعرفنا على عائلة الشيخ المسلم الذي يواجه هو الآخر خطرًا غريبًا من نوعه من قبل الجماعات الإسلامية، كان مجرد تلفيق من السيناريست الذي لم يجد الحل المناسب كي تعادي الجماعة المتشددة هذا الشيخ، فجعل الأمر مجرد أن الجماعة تريده أميرًا على جماعتها حتى ولو من دون إرادته، وفجأة هُدد الطرفان، المسيحي والمسلم من قبل الجماعات المتشددة، فالأول انفجرت سيارته التي تحرك بها مع ابنه ولكنه سمع صوتًا غريبًا في السيارة فقرر الهرب منها، وبالفعل انفجرت السيارة، والثاني حرق محل العطارة الذي كان يمتلكه، وهنا تبدأ أحداث الفيلم التي لم تتأخر كثيرا وهو ما يحسب للسيناريو، فقد هرب الشخصان بعائلتيهما متنكرين في من ناحية الديانة، فالمسيحي تنكر في شخصية مسلم، والمسلم تنكر في شخصية مسيحي، وكان ضابط أمن الدولة "عزت أبو عوف" هو الشخصية الأكثر كاريكاتورية في الأحداث، فكلما يظهر تجده في موقف كارتوني مركب فقط من أجل انتزاع الضحكات من الجمهور. سيناريو حسن ومرقص الذي اعتمده عادل إمام ونفذه يحمل الكثير من العيوب الفنية القاتلة، فالمنطق غائب عن معظم الأحداث، مجرد تركيب مواقف كوميدية متراصة، عابها التكرار في معظمها، فهو يكرر ما يحدث للقس بولس المتنكر في زي الشيخ حسن، مع الشيخ محمود المتنكر في شخصية مرقص، وهذه المواقف المتكررة أفقدت المشاهد المتعة في مشاهدته، فهو يعلم مع بداية كل موقف، أنه سيرى في المشهد التالي نفس ما يحدث مع الشخصية الأخرى، وهو ما جعله قريبا أكثر من النصوص المسرحية عنه إلى النص السينمائي، وهو الأمر الذي أثر أيضا على طريقة إخراج رامي إمام والتي تماشت مع طريقة السيناريو المسرحية، وظهر ذلك جليًا في مشاهد الفيلم الأخيرة الذي كانت العائلتان المسلمة والمسيحية تجلسان فيه في ركنين يمين ويسار الشاشة، مع وضع إضاءة على طاولتي العائلتين فقط، وهو الأمر الشائع في المسرحيات، والتي اعتاد عليها رامي إمام. المشكلة الرئيسة في الفيلم كانت ما قدمه على الشاشة، ففي الوقت الذي كانت كل المؤشرات تؤدي إلى أن الفيلم ضد الفتنة الطائفية وضد التعادي بين الأديان، ظهر جليًا منذ أول مشاهد الفيلم أن هناك مشكلة ولم تحل، ففي البداةي نجد شيخ مسلم يقارن بين وضع المسلمين والمسيحيين في مصر، وخاصة الأوضاع المادية، ويقول لزميله "عمرك شوفت شحات مسيحي"، وعلى العكس نجد قس يشكو لزميله حالة المسيحيين وتقييدهم من كل الجهات قائلا "مؤتمرات ايه .. احنا لو قعدنا 100 سنة في البلد ديي مش هناخد حقنا" ويرد عليه زميله مؤكدا كلامه "مافيش حد من ولادنا يتعين في مناصب الدولة، قوللي كام وزير مسيحي في الحكومة" وينتهي الحوار بجملة أكثر حدة "بوس وأحضان وقرارات ومؤتمرات واللي في القلب في القلب يا كنيسة"، إذن فأنت من البداية عندما تجد ممثلي الديانتين وهما يؤكدان وجود تفرقة طائفية في البلد، فماذا تنتظر من المسيحيين أو المسلمين؟
عمر الشريف من الفيلم
بالتأكيد الأمر تحول إلى إثبات قاطع لوجود فتنة في مصر، وللظلم الذي يتعرض له الطرفين، والأخطر من ذلك أن الفتنة في النهاية تخرج من المسجد، وتخرج من الكنيسة، أي من أماكن العبادة، وهو ما جعل الأمر يفلت من يد السيناريست في سبيله لإيجاد مواقف كوميدية، حتى الشخصيتين التي كانات من المفترض أن تكونا سويتيين في الفيلم وهما حسن ومرقص أو بولس ومحمود نجدهما عندما يكتشفان حقيقة بعضهما البعض يفترقان، وتتغير معاملتهما لبعضهما البعض، كذلك لا توجد شخصية واحدة في الفيلم معتدلة، كل الشخصيات متطرفة تكره أصحاب الديانة الأخرى. عادل إمام نجم كبير، وهو أمر مفروغ منه، ولكن لا ينبغي على الشخصيات التي يؤديها أن تعامل هي الأخرى على أنها نجمة، وهو ما يشاهده الجمهور جليا عندما يذهب إلى إحدى القرى في صعيد مصر متنكرًا في زي الشيخ، وفجأة وبين ليلة وضحاها يصبح أهم شخص في القرية، يصبح نجما كما هو عادل إمام في الحقيقة، وهذا الأمر تكرر في العديد من أفلام عادل إمام الأخيرة، حتى ولو اختلف الكتاب!! آداء عمر الشريف كان بالفعل هو أفضل ما في الفيلم، وعلى الرغم من أن الكاتب أغفل شخصيته وأخفاها منذ تعرضه لحادثة حريق محله، وحتى قابله مرقص وأصبحا جيران في السكن، إلا أنه تمكن للغاية من شخصيته، وأداها بشكل عفوي وتلقائي شديدين، أثرى الشخصية، وجعلها حية تنبض، وعلى الرغم من تقدمه في السن، إلا أنه كان رشيقًا للغاية في التنقل من آداء لآخر حسب تحولات الشخصية نفسها، كذلك ظهر التطور الكبير في مستوى تمثيل محمد إمام، ومقدرته على آداء الشخصيات الصعبة، على الرغم من اختفائه منذ دوره في (عمارة يعقوبيان)، أما "شيري" الوجه الجديد القديم فقد كانت أحد المكاسب الكبيرة في هذا الفيلم، وأدت الشخصية بشكل جيد ومؤثر للغاية. قصة الفيلم يتعرض القس بولس لتهديد المتطرفين المسيحيين لمحاربته للتطرف الديني، وهو الأمر الذي يتعرض له أيضا الشيخ محمود، فتهربهما أجهزة الأمن بعائلتيهما متنكرين بديانة مختلفة، ويتقابل الاثنان لاحقًا ليصبحا صديقين. معلومات عن الفيلم اسم الفيلم: حسن ومرقص تأليف: يوسف معاطي إخراج: رامي إمام مدير التصوير: أحمد عبد العزيز موسيقى تصويرية: ياسر عبد الرحمن بطولة:عادل إمام، عمر الشريف، محمد إمام، شيري، لبلبة، هناء الشوربجي، عزت أبو عوف سنة الإنتاج: 2008 شركة الإنتاج: جودنيوز
فيلم حسن ومرقص: ماذا سيحدث لو كان الأبطال متسامحين؟