مصر : شكوى من صعوبة امتحانات الكادر الخاص بالمعلمين

تسود حالةّ من الاستياء صفوف المعلمين المصريين بعد نشْر موقع" أكاديمية المعلم" التابع لوزارة التربية والتعليم ، نماذجَ امتحانات الكادر الخاص بالمعلمين ، الذي وضعته الوزارة كشرطْ للحصول على المرحلة الثانية من الكادر الخاص بالمعلمين ،

فقد احتوت الامتحانات - التي تُجرَى في ثلاثة تخصصات: هي: المهارات اللغوية (لغة عربية) ، ومهارات تربوية لكافة المعلمين ، ومادة التخصص حسب كل معلم - على أسئلة غريبة وغير منطقية حسب وصف المعلمين أنفسهم،

فعلى سبيل المثال اشتملت بنود امتحان المهارات التربوية على مفهوم الدفاعية وأهميتها ، وبيئة التعليم والتعلم ، ونظريات التباين بين المتعلمين ، ومهارات الاتصال والتواصل ، والنمو المهني المستمر ، والمشاركة المجتمعية.. هذه البنود علَّقت عليها حنان مصطفى (مدرسة دراسات اجتماعية) بأنها أول مرة تقرأ هذا الكلام ، وأنها بالرغم من دراستها بكلية التربية ، إلا أنها لم ترَ على الأقل نصف هذه المصطلحات قبل ذلك ، وأضافت أنه من الواضح جدًّا من هذه العناوين أن الهدف الوحيد من هذه الامتحانات هو رسوب المعلمين فيها لحجب الكادر عنهم.

امتحان المهارات اللغوية لم يأتً أقل صعوبةً من المهارات التربوية: فأحد الأسئلة التي وردت في نموذج الامتحان جاء يقول:

"أفاطمُ مهلاً بعض هذا التدلُّلً.. وإن كنتً قد أَزْمَعْتً صَرْمي فأجملي

أَغَرَّكً مًنًّي أَنَّ حُبَّكً قاتلي .. وَأَنَّكً مهما تأمري القلبَ يَفْعَلً

تسلَّت عَمايات الرجال عن الصَّبا .. فَسَلًي ثيابك من ثيابي تنسل"

أ - اذكر إلى أي عصر ينتمي هذا البيت (إسلامي - عباسي - أندلسي - جاهلي)؟

ب - حدًّد ما يجوز من أوجه الإعراب لكلمة (التدلُّل) في البيت السابق؟

النموذج الذي اطلعت "الدستور" عليه حظي بانتقادات حادة من قبل المعلمين أنفسهم ، فقالت حنان حسن (مدرسة لغة عربية) ل"الدستور": "بالرغم من أني مدرسة لغة عربية وخريجة دار علوم ، إلا أنني لا أعرف إلى أي عصر ينتمي هذا البيت ، أما بالنسبة للإعراب فلا أتصور أن أحدًا غير مدرًّسي اللغة العربية يستطيع الإجابة عنه" ، وأكدت أنه منذ طرْح هذا النموذج على موقع الوزارة ، ومدرًّسو اللغة العربية ليس لهم حديثّ إلا عن هذا البيت الغريب ، وأضافت: "فإن كان هذا هو حال مدرًّسي اللغة العربية ، فما بالنا بحال مدرًّسي بقية الفروع الذين من المفترض أن يجتازوا نفس الامتحان؟،"

وقال هشام مصطفى (مدرس رياضيات) ل"الدستور" : "النماذج سيئة للغاية في كل الفروع ، وكل المدرًّسين يتحدثون الآن عن النتيجة السيئة جدًّا لهذه الامتحانات ، ومصير أغلب المدرسين أصبح مؤكَّدًا بالرسوب في هذه الامتحانات ، ويكفي أن نوضح أن العينة العشوائية لهذه الاختبارات جاءت بنسبة 3%".



الهدف..خصخصة التعليم،

وحول السيناريو المتوقع قال: "واضح جدًّا أن هدف هذه الامتحانات هو خصخصة التعليم: فبعد دخولنا هذه الامتحانات ورسوبنا - وهو أمر متوقع جدًّا - سوف يُسمح لنا بدخول الامتحان مرة أخرى في فترةْ تتراوح بين عام وثلاثة: خلالها ستسعى العديد من المؤسسات إلى استنزافنا ماديًّا تحت دعوى دورات لاجتياز اختبارات الكادر ، وستكون هذه الدورات فيما يعرف بأكاديمية المعلم ، والتي ستقوم بإعطاء الدورات بمبالغ كبيرة ، وكليات التربية بدأت في الإعلان عن دورات للمعلمين بالفعل لاجتياز اختبارات الكادر ، بالإضافة إلى العديد من الشركات الخاصة التي ستجد في المعلمين صيدًا ثمينًا ، وخاصةً أن الأشهر الماضية شهدت عملية نصب كبيرة على المعلمين بدعوى تعليم دورات رخصة قيادة الحاسب الدولية (ICDL) ، وكانت المفاجأة أن شروط الكادر لم تشمل الحصول على هذه الرخصة كما أشيع"،

ويضيف مصطفى : "بعد هذه الدورات نتوقع أن تأتيَ الامتحانات أكثر صعوبةً ، ونتوقع الرسوب مرة أخرى ليكون السيناريو المتوقع هو تحويل أغلب المعلمين إلى الأعمال الإدارية كما تنصُّ لائحة الكادر ، وسيتم استقدام مدرسين شباب بعقود مؤقتة (بالحصة) ليحلوا محل المدرسين الذين خَصَّصوا لهم الأعمال الإدارية ، وتكون المحصلة توفير نفقات كبيرة للوزارة على حساب حقوق المعلمين.

وفى سياق متصل اتهم النائب الدكتور أحمد دياب عضو لجنة التعليم بالبرلمان المصري ، الحكومةَ بمحاولة الالتفاف على قانون كادر المعلمين الذي أقره البرلمان مؤخرًا بما تضعه من امتحانات تعجيزية أمام المعلمين المتقدمين لاختبارات المرحلة الثانية من الكادر.

ووصف دياب في تصريحْ لـ"الدستور" ما سُمي ب"أكاديمية المعلم" بأنها "مسمار جحا" وزارة التربية والتعليم لتعطيل المرحلة الثانية من الكادر والالتفاف عليها ، لافتًا إلى أن هذه المرحلة هي أهم مرحلة من مراحل كادر المعلمين.

وطالب دياب في بيان قدمه للدكتور احمد فتحي سرور رئيس البرلمان ، الحكومة بسرعة صرف مستحقات المعلمين من المرحلة الثانية للكادر ، مشيرًا إلى أنه قد تم تخصيص 2,5 مليار جنيه في الموازنة الحالية.