طريقة مثالية لصوم رمضان دون تعب أو إرهاق:
أصبح شهر رمضان على الأبوا ب وبدأ الناس بالاستعداد له وذلك بالتسوق لاحضار المواد التموينية والخضار والفاكهة وغيرها بما يلزم لتزويد سفرة الافطار من أشهى المأكولات والحلويات، حيث يرى الكثيرين أهمية هذه الوجبة متناسين استعدادهم للصوم نفسه والفوائد التي ستعود عليهم نفسيا وجسديا والتي لا يدركها الكثير من الناس.
هنا سنتطرق الى بعض النظريات الشائعة حول طبيعة الصوم وأثره على الصائم وبيان الصحيح منها وتفنيد الخاطئ، بالإضافة الى طريقة سيتمكن الصائمون من خلالها من تمضية نهار رمضان وأداء المهام والواجبات التي اعتادوا عليها بكل نشاط وحيوية بعيدة عن الخمول والكسل.
في البداية، يعتقد الكثير من الناس أن الامتناع عن الطعام والشراب في نهار رمضان من شأنه أن يضعف الجسم والذهن وعليه يصبح الصائم غير قادر على أداء الأعمال بكفاءة كما في السابق لاقتناعه أن الجسم يفتقر الى الطاقة الضرورية التي يحصل عليها من الطعام والشراب، وعليه فإنه يعمل على تمضية النهار بالنوم والكسل والتسمّر امام شاشة التلفاز. كما يعتقد الكثيرين أنه من الضروري تعويض الجسم من الوجبات التي حرم منها في النهار وذلك بالإفراط في الطعام والشراب خلال ساعات المساء.
كل ما سبق يعد معتقدات خاطئة والتي للأسف يؤمن بها الكثير من الناس نتيجة الجهل العلمي بطبيعة الصوم وفوائده الجمة، فما هي الحقائق العلمية حول الصيام وكيف نستطيع الاستفادة منها من أجل صوم صحيح وصحيّ؟
أولا: الصوم يوقف عملية الغذاء وليس التغذية
إن الذي يتوقف في عملية الصوم هو تزويد الجسم بالغذاء من الطعام والشراب والذي يعمل الجسم على هضمه وامتصاصه، وهذا بعيد تماما وليس له أية علاقة بحرمان خلايا الجسم من الطاقة الضرورية التي تحتاجها للهدم والبناء. فخلايا الجسم تستمر بالعمل بصورة طبيعية، بل أن الصوم يتيح تمثيلا غذائيا فريدا يتم تحصيله عند تعجيل وجبة الافطار ثم الاعتدال بالأكل في فترة المساء والمحافظة على وجبة السحور.
إن ما يحصل أثناء الإفطار وبعده هو بناء المركبات المهمة في الخلايا وتجديد المواد التي تم استهلاكها في النهار، أما بعد وجبة السحور، تقوم الخلايا بامتصاص المواد الغذائية، وعند انخفاض مستوى السكر في الدم خلال ساعات النهار، تبدأ عملية الهدم ليتحلل المخزون الغذائي من الغليكوجين إلى سكر الغلوكوز اللازمة لعمل المخ وخلايا الدم الحمراء والجهاز العصبي، ومع استمرار الحركة والنشاط في النهار، يلجأ الجسم الى تحليل الدهون المخزّنة حتى يمدّ الجسم بالتغذية اللازمة لاستمرار عمله ونشاطه.
ثانيا: الصوم ينشّط آليات الجسم ولا يسبب الخمول
إن الصوم والذي تتراوح مدته في الاسلام من 12-16 ساعة تستدعي الجسم الى تحليل المواد الغذائية المخزنة والدهون والتي من شأنها أن تنشّط جميع آليات الامتصاص والتمثيل الغذائي لتضمن استمرارية نشاط الجسم وأداء وظائفه دون أي خلل أو كسل.
كما أن للصوم دور فعّال في الحفاظ على خلايا الكبد وتنشيطها، ففي فترة الإفطار والسحور يتم إمداد الكبد بالأحماض الأمينية والدهنية الأساسية فتتكون الدهون الفوسفاتية ولبنات البروتين والكوليسترول وغيرها لبناء خلايا جديدة، وفي فترة النهار يعمل الصوم على تنظيف خلايا الكبد من الدهون التي تجمعّت فيه بعد الغذاء، فتعادل كثيرا من المواد السامة حتى تصبح غير فعّالة ويتخلّص منها الجسم.
كما يعمل العطش على حث الجسم لإفراز هرمونين يسببان تحلل الغليكوجين الى سكر الغلوكوز والذي من شأنه أن يحافظ على مستوى عال من نشاط الجسم ويحد من التعب والإرهاق، حيث ذكرت المراجع الطبية ان الجسم لا ينفك أن يتزود من الطاقة المخزنة، فإذا اصبح الغلوكوز غير كاف لإمداد العضلات بالطاقة حصل الجسم عليها من أكسدة الأحماض الدهنية الحرة والقادمة من تحلل الدهون في الأنسجة الشحمية، وإذا استنفدت هذه الأحماض يلجأ الجسم إلى الاستفادة من الأجسام الكيتونية الناتجة من أكسدة الدهون في الكبد. وعليه نرى أن النشاط والحركة في فترة الصوم تزيد من عمليات الأكسدة للمركبات في الجسم مما تساهم في تخلص الجسم من المواد السامة وتحرير الطاقة التي تلزمه.
ثالثا: الصوم يزيد من نسبة الذكاء لدى الطلاب
ان العطش في نهار رمضان وبحسب ما أثبتته الأبحاث العلمية يزيد من إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول والذي له دور هام في تقوية الذاكرة وتحسين مستوى التعلم لدى الطلاب وذلك بعكس ما يعتقده أغلبية الناس.
رابعا: الحركة واجبة في الصوم
إن الكسل والخمول في نهار رمضان تعطل الكثير من العمليات التي يلجأ إليها الجسم أثناء الحركة، وتصيب صاحبها بكثير من الأمراض ويزداد تلبدا وخمولا. كما أن النوم أثناء النهار والسهر طوال الليل من شأنه إصابة أعضاء الجسم باضطراب في الساعة البيولوجية مما يكون له الأثر السلبي على الإستقلاب الغذائي داخل الخلايا.
حيث كما سبق وأشرنا الى أن الحركة في النهار تعد عملية إيجابية وفعّالة من أجل زيادة كفاءة عمل الكبد والعضلات، وتخليص الجسم من المواد الدهنية والفضلات، بالإضافة الى تنشيط عملية التمثيل الغذائي للمخزون العضلي من الغليكوجين إلى غلوكوز واللازمة لإمداد المخ والجهاز العصبي بالطاقة اللازمة.
خامسا: الصوم وقاية وعلاج
أثبتت الأبحاث الطبية فوائد للصوم تساهم في المحافظة على صحة الجسم وتقويته، منها:
1- المساهمة في وقاية الجسم من الأمراض الشائعة، حيث يعمل الصوم على تقوية جهاز المناعة من خلال الآتي:
• تحسين المؤشر الوظيفي للخلايا الليمفاوية بنسبة عشرة أضعاف
• زيادة نسبة بعض أنواع الأجسام المضادة المقاومة للفيروسات والبكتيريا
• زيادة في نسبة الخلايا المسؤولة عن المناعة النوعية.
2- تحسين وظيفة الغدد الصماء ذات العلاقة بعمليات التمثيل الغذائي من خلال تنظيم إفراز الهرمونات الخاصة بها.
3- تحسين آليات الهضم والامتصاص بعد وجبة السحور، حيث يتيح الصوم المجال للجهاز الهضمي وملحقاته للراحة أثناء فترة النهار.
بالنهاية، نتمنى لكم صياما مقبولا وافطارا شهيا وسحورا خفيفا وحركة دائمة تساهم في المحافظة على نشاطكم خلال نهار رمضان.